الرسائل اليومية
تأمل: إرضاء الله
ميخا ٦
ظن الشعب في القديم أن يمكنهم إرضاء الله بتقديم الذبائح والعشور وباكورة الحصاد! مع أن الله في مرات عديدة يوضح لهم أن ما يهمه حقًا هو قلب الإنسان وخضوعه لله وكيفية تعامله مع الآخرين. ويتساءل في هذا الأصحاح: "هل يُسَرُّ الرَّبُّ بأُلوفِ الكِباشِ، برِبَواتِ أنهارِ زَيتٍ؟ هل أُعطي بكري عن مَعصيَتي، ثَمَرَةَ جَسَدي عن خَطيَّةِ نَفسي؟" (ع٧)
ومازال البعض حتى يومنا هذا يظن أنه بتقديم عبادات شكلية وإعطاء العشور للكنيسة قد يُرضي الله! إننا لا نستطيع أن نرشو الله، فما ينتظره منا الله هو في غاية البساطة: أن تكون لنا علاقة معه أساسها المحبة والخضوع له، وأن نعامل بعضنا البعض بالعدل والمحبة. (ع٨)
وهذا ما أكده السيد المسيح عندما سئل عن ما هي الوصية العظمى، فأجاب وقال: "تُحِبُّ الرَّبَّ إلهَكَ مِنْ كُلِّ قَلبِكَ، ومِنْ كُلِّ نَفسِكَ، ومِنْ كُلِّ فِكرِكَ. هذِهِ هي الوَصيَّةُ الأولَى والعُظمَى. والثّانيَةُ مِثلُها: تُحِبُّ قريبَكَ كنَفسِكَ." (متى ٣٧:٢٢-٣٩)
يا رب علمني أن أحبك من كل قلبي ونفسي وفكري، وأن أحب الآخرين كمحبتي لنفسي. آمين
تأمل: أنِرْ بوَجهِكَ فنَخلُصَ
ميخا ٥
في مملكة يهوذا، نحو ٧٠٠ عام قبل الميلاد المسيح، كانت السلطة والنفوذ التي لمصر وأشور قد بدأت تنحسر، والإنحلال والفساد قد بدأ يعم البلاد، وغابت القيادة الحكيمة. أصبحت الديانة مظهرية لم يبقى منها إلا الطقوس المادية. وكان هناك رجل الله "ميخا" النبي الذي كان ينذر الشعب بالدينونة العظيمة ويبشرهم بوعد الله للخلاص. في وسط هذا الظلام الحالك وحال الشعب المتردي، يأتي الوعد بالخلاص العظيم، ويتنبأ ميخا بميلاد الملك، بمجيء المخلص من بيت لحم. تلك القرية الصغيرة الهادئة، يخرج منها الذي يكون متسلطًا، ومخارجه منذ القديم، منذ أيام الأزل (ع٢). ما أحوج العالم في هذه الأيام للالتفات للمخلص العظيم، للعودة إلى الله، والرجوع بتوبة حقيقية لسيادة الله وملكه على حياتنا.
يا إلهي المبارك، يا من أرسلت نورك العجيب ليبدد ظلام هذا العالم، أنر بنورك الذي لنا في ابنك يسوع المسيح، "يا اللهُ أرجِعنا، وأنِرْ بوَجهِكَ فنَخلُصَ." (مزمور٣:٨٠)
تأمل: خداع النفس
١ كورنثوس ١٠
من كان يتخيل أن بني إسرائيل الذين صنع معهم الله كل هذه العجائب، الذين اجتازوا في البحر، وأكلوا المن السماوي، وشربوا الماء من الصخرة (ع١-٤)، يتم طرحهم في القفر (ع٥)، ليموتوا في البرية ويُمنعوا من دخول أرض الموعد. هؤلاء الذين خرجوا بيد قديرة من أرض مصر، تاهوا، وهلك أكثرهم في البرية، إذ يقول الوحي "بأكثَرِهِمْ لَمْ يُسَرَّ اللهُ" (ع٥).
واليوم لابد أن نسأل أنفسنا بإخلاص وجدية:
- هل نتعلم من التحذيرات التي قيلت لشعب إسرائيل قديمًا؟
- هل ندرك مدى خطورة موقف كل واحد منا إن أهملنا خلاصًا هذا مقداره؟ (عبرانيين ٣:٢)
يقول السيد المسيح بوضوح: "ليس كُلُّ مَنْ يقولُ لي: يا رَبُّ، يا رَبُّ! يَدخُلُ ملكوتَ السماواتِ. بل الّذي يَفعَلُ إرادَةَ أبي الّذي في السماواتِ. كثيرونَ سيقولونَ لي في ذلكَ اليومِ: يا رَبُّ، يا رَبُّ! أليس باسمِكَ تنَبّأنا، وباسمِكَ أخرَجنا شَياطينَ، وباسمِكَ صَنَعنا قوّاتٍ كثيرَةً؟ فحينَئذٍ أُصَرِّحُ لهُمْ: إنّي لَمْ أعرِفكُمْ قَطُّ! اذهَبوا عَنّي يا فاعِلي الإثمِ!"
اختَبِرني يا اللهُ واعرِفْ قَلبي. امتَحِنّي واعرِفْ أفكاري. وانظُرْ إنْ كانَ فيَّ طَريقٌ باطِلٌ، واهدِني طَريقًا أبديًّا. (مزمور ٢٣:١٣٩-٢٤)
تأمل: اركُضوا لكَيْ تنالوا
١ كورنثوس ٩
يشبِّه الرسول بولس الحياة المسيحية بالسباق، من يسعى ويجري ويتعب ويصل إلى نقطة النهاية ينال المكافأة. المكافأة هي كل ما يفكر فيه المتسابقون، ولذلك يأخذون الأمر بجدية كاملة من خلال تدريبات مستمرة، والاهتمام بالصحة والطعام، والابتعاد عن كل ما من شأنه إضعاف عزيمتهم وأبدانهم.
عندما نتأمل كلمات الرسول بولس عن الذين يجرون ويسعون من أجل مكافأة الرب، ندرك أنه ربما نعاني من عدم الالتزام، فنحن لا نأخذ علاقتنا بالرب بالجدية الكافية. لم يكن قصد الرسول بولس هنا أن يُضعف عزيمتنا أو أن يثبط هممنا عن المحاولة، بل على العكس يدعونا للاشتراك في السباق وأن نجعل الهدف نصب أعيننا وأن نتطلع إلى المكافأة (متى ٢١:٢٥). متى شعرت أنك لا تستطيع كسب السباق، تذكر دائمًا وعود الرب بالمعونة "لأنَّ اللهَ لَمْ يُعطِنا روحَ الفَشَلِ، بل روحَ القوَّةِ والمَحَبَّةِ والنُّصحِ." (٢ تيموثاوس ٧:١).
يا الله أعني حتى أتحرر من القيود التي تبعدني عن الاشتراك في السباق. أعني حتى أرى الهدف بوضوح، وامنحني القوة للجهاد والسعي حتى أنال المكافأة. آمين.