الرسائل اليومية
تأمل: أمور يصعب تصديقها
مرقس ١٦
برغم أن الرب يسوع أخبر تلاميذه من قبل بقيامته، لكن يبدو أن الفكرة كانت أصعب من أن يصدقوها، فعندما ذهبت النساء إلى القبر في ذلك الصباح لم يخطر ببالهن احتمال أن يكون السيد المسيح حيًا. فأخفين حزنهن خلف تفاصيل عملية تحنيط جسد الرب يسوع (ع١) ومناقشة كيف يدحرجن الحجر عن القبر. وقد أرعبهن القبر المفتوح ووجود الملاك والرسالة التي أبلغهن بها "قد قامَ! ليس هو ههنا."(ع٦). فهربن من القبر(ع٧)، فلم يكن هذا الخبر بالنسبة لهن أبعد فقط من أن يكون حقيقيًا لكنه كان أيضًا أجمل من أن يقدرن على استيعابه.
ربما يجد البعض أيضًا صعوبة في إدراك حقيقة القيامة، ولكن كلما أدركنا صلاح الله وقوة عمله فينا، زاد يقيننا أن الرب يسوع المسيح حي.
أسبحك يا ربي يسوع من أجل انتصارك على الموت ومن أجل قوتك، أعني لأحيا كل أيام حياتي مدركًا وواعيًا لحقيقة وجودك معي، ومصليًا مع الرسول بولس "لأعرِفَهُ، وقوَّةَ قيامَتِهِ، وشَرِكَةَ آلامِهِ، مُتَشَبِّهًا بموتِهِ" (فيلبي١٠:٣)
تأمل: شهوة الامتلاك
١ ملوك ٢١
يرينا الملك أخاب صورة للإنسان الذي لا يشبع ولا يكتفي، بل يشتهي دائمًا برغم كثرة ما عنده. فكل إنسان بعيد عن الله لن يملأ قلبه شئ من هذا العالم.
أما نابوت اليزرعيلي، فهو شخص تقي متمسك بشريعة إلهه. لقد رفض أن يبيع كرمه لأخاب طاعة للشريعة. (لاويين٢٣:٢٥)، محافظًا على ميراث آبائه.
وافق أخاب على خطة زوجته الشريرة، ورضي أن تستغل سلطانه الملكي لتحقيق أطماعه (ع٨). لجأت إيزابل لحيلة دينية استخدمت فيها اسم الله للتخلص من نابوت الخائف الله! لكن أين يذهب أخاب من الله؟.. لقد امتلك ما قد اشتهاه، لكنه بينما هو ذاهب للتمتع بما امتلكه، إذ به يفاجأ بإيليا يعلن له القصاص الإلهي الرهيب. أظهر أخاب دلائل توبة وإنكسار، لكن هل كانت هذه توبة حقيقية ورجوعًا عن الشر؟.. كلا فبقية تاريخه تُظهر عكس ذلك.
يا رب سامحني عن كل مرة أشتهيت فيها ما لغيري، احفظني من خطية الشهوة وحب الامتلاك، وعلمني أن لا أشتهي إلا الحياة معك وطاعة كلمتك. "هأنَذا قد اشتَهَيتُ وصاياكَ. بعَدلِكَ أحيِني." (المَزاميرُ ٤٠:١١٩)
تأمل: الاختيار
مرقس ١٥: ١-٢٠
كان بيلاطس الوالي - الذي يمثل الإمبراطورية الرومانية - مهتمًا بحفظ النظام في أورشليم خلال أعياد الفصح.
وفي الساعات المبكرة من الصباح جاء رؤساء اليهود بالرب يسوع وأوقفوه أمام بيلاطس متعجلين أن يحكم عليه بالموت. وهنا نرى بيلاطس يعاني من الصراع والتمزق بين اختيارين: استيائه من إدانة رجل برئ، ورغبته في إرضاء الجموع (ع١٥،١٠).
وإذ يقوم بيلاطس باستجواب يسوع، يتعجب من صمته أمام اتهامات المشتكين عليه، وعدم دفاعه عن نفسه. سعى بيلاطس بمختلف الطرق إلى إقناع الجموع بإطلاق يسوع (ع١٤). لكن فشلت محاولاته. فكان أمامه أن يتخذ قرارًا، فهو كوالٍ روماني له الحق في إعلان براءة الرب يسوع وإطلاق سراحه، لكننا نقرأ الآية "فبيلاطُسُ إذ كانَ يُريدُ أنْ يَعمَلَ للجَمعِ ما يُرضيهِمْ، أطلَقَ لهُمْ باراباسَ، وأسلَمَ يَسوعَ، بَعدَما جَلَدَهُ، ليُصلَبَ." (ع١٥).
ربما كان ذلك بسبب خوفه مما قد تفعله به الغوغاء الغاضبة، أو بسبب خوفه على سمعته أو مركزه. مهما كان السبب، فإن بيلاطس الذي عرف الحق والصواب في الأمر قد استسلم وخضع عمدًا لضغوط الجمع، وأدان الرب يسوع.
والسؤال لنا اليوم هو: ماذا نفعل عند مواجهة ضغوطًا لإرضاء الناس؟ هل نهتم بإرضائهم، أم نهتم بإرضاء الله أولاً مهما كانت النتائج؟
تأمل: في جثسيماني
مرقس ١٤: ٣٢-٧٢
ذهب الرب يسوع إلى جثسيماني ليصلي. وفي هذا المشهد نلاحظ عدة أمور:
- توجه قبل أن يُقبض عليه ويُصلب إلى مكان يستطيع فيه أن يصلي في هدوء. وقد شجِّع تلاميذه أيضًا على ذلك، فقال لهم: "اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ." (ع٣٨).
- كان تحت ضغط نفسي رهيب، فيقول الكتاب: "وَابْتَدَأَ يَدْهَشُ وَيَكْتَئِبُ" (ع٣٣)؛ وأيضًا يقول الرب يسوع "نَفْسي حَزِينَةٌ جِدًّا حَتَّى الْمَوْتِ." (ع٣٤).
- كان يريد أن يكون أحبائه بجانبه في هذا الوقت العصيب. لذلك، أخذ الرب يسوع معه تلاميذه المقربين: بطرس ويعقوب ويوحنا. لكنهم للأسف لم يستطيعوا أن يسهروا معه في ضيقه، بل كانوا نيامًا.
- كان محور صلاته للآب هو أن يرفع الله هذه الكأس المؤلمة عنه. لكننا نراه رغمًا عن ذلك يسلم لله طريقه، ويطلب "لِيَكُنْ لاَ مَا أُرِيدُ أَنَا، بَلْ مَا تُرِيدُ أَنْتَ." (ع٣٦).
لقد اجتاز مسيحنا القدوس البار مختلف أنواع الآلام مثلنا، لكنه لم يخطئ أبدًا، بل صارت حياته مثالًا لنا في كل شيء. يقول الرسول بطرس: "فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضًا تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكًا لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِهِ." (١بط٢١:٢).