الرسائل اليومية
تأمل: لَجِئونُ
لوقا ٨: ٢٦-٥٦
في كورة الجدريين، التي تقع في الجنوب الشرقي من بحر الجليل، تقابل السيد المسيح مع إنسان فيه شياطين. هذا الإنسان كان فاقدًا للآدمية تمامًا؛ فلم يكن يلبس ثوبًا، وكان مكان إقامته هو القبور. ولم يستطع أحد السيطرة على هذا الإنسان، لا بسلاسل ولا بقيود ولا بحراسات. وقد ظهرت قوة هذه الشياطين والدمار الذي تُلحقه بمن تسكن فيه، عندما أمر الرب بأن تدخل الشياطين في الخنازير؛ فاندفع القطيع وأغرق نفسه في البحيرة.
لكننا نرى أيضًا قوة المسيح وجلال مجده، الذي يجعل لجئون من الشياطين يخرون أمام المسيح حالما يرونه (ع ٢٨). وعلى النقيض من قوة الشياطين المُدمِّرة التي تُفقِد الإنسان آدميته، بل وتجعله مصدر أذى ورعب لمن حوله؛ جعل الرب يسوع من هذا الإنسان لابسًا وعاقلًا وجالسًا عند قدميه (ع ٣٥) ومبشرًا (ع ٣٩).
تعقد هذه المعجزة مقابلة بين قوة الشياطين وتأثيرها المُدمِّر، وقوة المسيح الفائقة وتأثيرها المُحيي. ألا نأتي إليه مهما كانت حالتنا، ومهما كانت نجاستنا! هو الوحيد الذي يستطيع أن يخلصنا.
تأمل: تُرسٌ هو للمُحتَمينَ بهِ
مزمور ١٨
يبدأ كاتب المزمور بتسبيح الرب على إنقاذه (ع ١-٣). ثم يصف الظروف الصعبة التي أنقذه الرب منها (ع ٤-٦). ويقدم لنا صورًا كيف تدخل الرب بقوته وجلال مجده (ع ٧-١٥) لينقذه من أعدائه (ع ١٦-١٩). ثم يسرد لنا صفات كاتب المزمور التي دفعت الرب أن يستجيب له (ع ٢٠-٢٧). ويتبع ذلك وصف بليغ عن جود الرب ومعيته وإنقاذه للمحتمين به (ع ٢٨-٣٤).
يقول العدد ٣٠ إن "اللهُ طَريقُهُ كامِلٌ؛" أي أنه يتعامل معنا بنزاهة واستقامة. ثم يقول: "قَوْلُ الرَّبِّ نَقيٌّ؛" أي أن وعوده صادقة، نستطيع الثقة بها والاتكال عليها. ويصوّر لنا الله بالترس الذي يحمله المُحارب طوال الوقت، ليحتمي به من أعدائه، فيقول: "تُرسٌ هو لجميعِ المُحتَمينَ بهِ." وهنا يصف شعب الله المؤمنين بالمحتميين به. ويستنكر في العدد التالي وجود أي مصدر قوة أو حماية غير الرب إلهنا (ع ٣١).
أيها الرب إلهي، أشكرك لأنك حمايتي؛ من العالم بإغراءاته ومشاكله، ومن عدو الخير وحروبه، ومن شهوات الجسد. أعطني أن أثق في وعودك وقوتك. آمين.
تأمل: إعلانات التجلي
لوقا ٩: ٢٨-٦٢
تمتلئ حادثة التجلي (ع ٢٨-٣٦) بالإعلانات عن شخص المسيح له كل المجد.
- صارَتْ هَيئَةُ وجهِهِ مُتَغَيِّرَةً، ولِباسُهُ مُبيَضًّا لامِعًا (ع ٢٩). وهذا يذكرنا بما حدث لموسى في خروج ٣٤: ٢٩-٣٠؛ إلا أن ثياب موسى لم يحدث لها شيء. فعكس موسى مجد الرب الذي التقاه على الجبل؛ أما الابن الوحيد فقد ظهر مجد لاهوته.
- ظهور موسى وإيليا وحديثهما مع السيد المسيح عن خروجه (موته)، يعلن أن المسيح وموته على الصليب هما محور نبوات الناموس (ممثلًا في موسى) والأنبياء (ممثلين في إيليا). وكلمة "الخروج" (ع ٣١) تذكرنا بخروج شعب إسرائيل من مصر، وخلاصهم من العبودية. أما الرب يسوع المسيح فحقق بخروجه ما هو أعظم بكثير؛ حقق التحرير من عبودية الخطية والموت وإبليس، لنتمتع بحرية مجد أولاد الله. وليس لبني إسرائيل فقط، بل لكل من يؤمن به.
- يعلق الروح القدس على اقتراح بطرس في عدد ٣٣، إنه "لا يَعلَمُ ما يقولُ." وتحركت السماء بسرعة "وفيما هو يقولُ ذلكَ" (ع٣٤)، فجاءت سحابة وظللتهم حتى لا يروا في النهاية إلا يسوع وحده (٣٦). فموسى وإيليا وجميع الأنبياء أقل بكثير جدًا من أن يساووا منزلة الابن الحبيب.
- تذكرنا عبارة "لهُ اسمَعوا" (ع ٣٥) بما جاء في تثنية ١٨: ١٥. فالرب يسوع له المجد هو ابن الله الذي فيه يكلمنا الآب، ويعلن كل مقاصده وما في قلبه؛ وينبغي علينا أن نصغي له (عبرانيين ١: ١-٢).
تأمل: خداع يعقوب
تكوين ٢٧: ١-٤٥
سبق وأعلن الله أن الكبير سيُستعبد للصغير؛ بمعنى أن الزعامة والبركة ستكون ليعقوب ونسله (تكوين ٢٥: ٢٣). ولم تكن البركة مجرد عطية تُمنح لشخص، بل كانت عطية تتحقق من خلالها خطة الله لشعب كامل، خطة تستهدف في النهاية مجيء المسيا المنتظر. لكن للأسف، بالرغم من أن يعقوب هو المُختار والموعود بهذه البركة منذ أن كان في رحم أمه رفقة، إلا أنه قد أخذها بالخداع والمكر.
في القصة تفاصيل صعبة، يسردها لنا الروح القدس لكي نتعلم منها دروسًا كثيرة، أهمها أن اختيار الله دائمًا بالنعمة؛ وأننا لا نستحق أي بركة من بركات الله لنا. فالأم رفقة تتسبب في عداوة بين ابنيها، وبين نسلهما بالتبعية، كادت أن تصل إلى قتل يعقوب. وكانت نتيجتها أن يعقوب تغرب بعيدًا عن والديه وأسرته والأرض التي وعد الرب بها إبراهيم ونسله، لمدة حوالي عقدين من الزمن. بالإضافة إلى خداع يعقوب لأبيه، مستغلًا ضعف نظره الشديد؛ وسرقته لبركة أخيه، مستغلًا غيابه. ولم يكن مهتمًا بعواقب ما سيفعله من فقدانه للعلاقة مع أخيه أو غضب أبيه!
يا رب، أشكرك على نعمتك التي شملتني في المسيح يسوع بالرغم من خطاياي وضعفاتي. ساعدني أن أحيا كما يليق بمختاري الله، بعيدًا عن الطمع والخداع.